الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

إلى أي وطن سيعود اللاجئون السوريون ؟ وطن قد يستقبل ضربة الكيماوي رقم 201 في أي لحظة ؟



الصورة من الضربة الكيميائية رقم 200 في سوريا في دوما 7 نيسان 2018

21 آب 2013 منذ خمس سنوات تماما استخدم النظام السوري السلاح الكيميائي على نطاق واسع في الغوطة الشرقية والغربية، أكثر من سبع آلاف مصاب و1300 شهيد، وضمن هذا العدد الكبير لم تكن فرق الإسعاف تكفي للاستجابة بما فيها آلاف المدنيين الذين تطوعوا للمساعدة بأي شيء، تشغيل مضخات المياه لغسل أجسام المصابين، تأمين الوقود، حتى نقل المصابين رغم عدم خبرتهم. كانت فرق الاسعاف تدخل الى المنزل فتخرج كل من فيه، لا وقت لفحص أحد فلم يملك أحد بزات واقية من المواد الكيماوية، تصل السيارة إلى المشفى فتجد أن المشفى مليئة، تنزل بعضهم وتوزع الباقين على مشاف أخرى. عادة ثلث مصابي الكيماوي يحتاجون عناية مركزة، كان لدينا في الغوطة 18 منفسة آلية فقط، وكانت باقي المشافي ترسل لنا كل من يحتاج عناية مشددة، بإمكانكم أن تتخيلوا عجزنا يومها. بالمحصلة تفرقت العائلات في كل هذه الفوضى بين المشافي ومراكز الدفن والمشهد كان أهالي تسأل عن بعضها.
بعد ثلاث أيام تقريبا انتقل الأهالي للسؤال عن شهداء دون المصابين، دفن عدد من الجثث دون التعرف على أسماءهم، كان بينهم أطفال. أتت امرأة تسأل عن ابنها، كان هناك صور لكل مجهولي الهوية...... تصفحت الصور على الكمبيوتر سريعا وهي تتنفس بسرعة وشهقت، وسألت سريعا، هل دفنتموه؟
كانت تحاول أن تتأكد أنه تلقى دفنا لائقا ولم يدفن في قبر جماعي بين عشرات الشهداء، إن لم تجده حيا فيحق لها على الأقل أن تجد ضريحا تبكي عليه.... لم أكن لأجرؤ حتى على النظر إلى الصور لأرى أي منها لطفلها، لم أجرؤ حتى على النظر إلى عيونها.
 كانت وكالات الأنباء لا تتحدث إلا عن عواقب الضربة الكيميائية، وكان هناك لجنة تحقيق أممية على بعد بضع كيلومترات في العاصمة دمشق، معالم النهاية بدأت تتضح أمام عيوننا وظننت أن هذا لربما يجلب راحة لذوي الضحايا، ولكن هذا لم يدم طويلا، فقد غير العالم رأيه وبقي المجرم يستخدم الكيماوي حتى يومنا هذا.
في 4 نيسان 2017 استخدم النظام السوري السلاح الكيميائي بهجمات مماثلة في مدينة خان شيخون جنوبي ادلب وأصيب مئات الضحايا، و ردت الولايات المتحدة بضرب قواعد عسكرية، لم تؤتي هذه الضربات أوكلها، فتابع النظام استخدام الكيميائي بعد أسابيع قليلة.
في بداية 2018 اجتمعت 28 دولة في فرنسا لمناقشة استخدام الأسلحة الكيميائية حول العالم بعد فشل متكرر من مجلس الأمن في تنفيذ قراراته، كان عدد الهجمات بالأسلحة الكيميائية قد تجاوز 190 آنذاك، لم يطل الأمر حتى قام الأسد بمجزرة أخرى في الغوطة في 7 نيسان 2018.
بعد ضربة نيسان 2018 ردت كل من الولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا باستخدام القوة العسكرية ضد النظام السوري بضربات تشبه تلك التي حدثت في نيسان 2017، ، بين الكيماوي رقم 32 في الغوطة الشرقية في 21 آب عام 2013 و حتى الضربة رقم 200 في 7 نيسان 2018 اجتمع مجلس الأمن عشرات المرات لمناقشة استخدام هذا السلاح في سوريا و أصدر 3 قرارات رئيسية حول استخدام الأسلحة الكيميائية ، أولها 2118  في سبتمبر 2013 يحتوى مادة عن استخدام البند السابع في حال تكرر استخدام او نقل الأسلحة الكيماوية في سوريا، في أب 2015 صدر القرار2235 الذي شكل لجنة التحقيق المشتركة   JIMو أصدرت سبع تقارير أدانت الأسد في كل الاستهدافات التي حققت بها عدا واحدا نسبته لداعش حتى انهى الفيتو الروسي عملها في اوكتوبر 2017، بينما عملت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منذ عام 2013 على التحقيق و أصدرت 68 وثيقة و 7 قرارات و تلقت 29 بيان و رسالة من الدول الأعضاء حول استخدام السلاح الكيميائي في سوريا ، التقت مئات الشهود و جمعت آلاف الأدلة و حللت مئات الآلاف من المعلومات بينما كانت بعثة التحقيق الخاصة المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان قد اكدت استخدم السلاح الكيميائي في سوريا 25 مرة مدينةً الأسد في معظمها.
السوريون يعرفون الكيماوي جيدا، يعرفونه أكثر من كل هؤلاء المحققين، يختلف الموضوع حين تعلم نوع الألم، الرعب من استخدامه يختلف عن كونك خبيرا، الرعب من أن هناك مجرم لا يوقفه أحد عن فعل ما يريد، لا تستطيع أن تحمي ابنك من الكيماوي مهما بنيت له من جدران و سواتر رملية ، مهما كان الملجأ الذي تخبئه فيه محميا،  مهما حضنته و حاولت أن تحمي جسده ، شعور العجز أمام الكيماوي فظيع لا يعرفه إلا من ذاقه ، العدالة وحدها ستوقفه و ليس المزيد من التحقيقات و الضربات الجزئية، لن تستطيع أي عدالة أن تعيد لتلك الأم ابنها، و لكن لربما سيشعرها وجود الأسد بين القضبان بالاطمئنان أن ذلك لن يحدث ثانية.
 تستطيع اليوم آلية التحقيق المحايدة المستقلة الخاصة بسوريا التي شكلتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر عام 2016 أن تجمع كل هذه التقارير والمعلومات وتقدمها لأي جهة ادعاء في أي محكمة اختصاص لتحريك دعاوي ضد شخصيات في النظام السوري لمحاسبتهم على استخدام الكيماوي في سوريا، لكن هل هناك رغبة دولية لذلك؟ أم سنشهد الضربة رقم 201 قريبا؟

إلى أي سوريا سيعود اللاجئون؟ سوريا يحكمها من لم يتوانى عن استخدام الكيماوي عشرات المرات؟ هل هذا ما يدعو العالم إليه؟ اليوم يعاد تأهيل الأسد المجرم ليكون رئيسا لسوريا موحدة، جميع من فيها لا يمانع استخدام الكيماوي ضد معارضيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق