الأربعاء، 20 مايو 2015

وعد

و اجتمعنا بعرس وعد باستنبول ....
أبوها و عمها أجو من الإمارات و جدتها من قطر و خالها من سوريا و عريسها من جدة و حنان و ديمة و فارس و أنا من عنتاب.... و أمها و أخواتها بعدهن بدوما و الباقي يا بالشام يا بالشتات .
و قبل بيوم طالعنا العرسان ناكل اكلة حلوة بمناسبة العرس ....
و ضحكنا و مزحنا ..... و وقفنا أنا و أبوها على جنب و حكينا يوم يلي طلعت من المعتقل بعد 130 يوم ....
أنا كنت 130 يوم حاول ما أسمع أنو وعد يلي بتلبينا هي و أمها بكل شي منحتاجه و أي خدمة منطلبها متل أخت حقيقية اعتقلت و التهمة كانت توزيع مواد دعم نفسي ﻷطفال الارهابيين و طبعا وهن اﻷمة و إضعاف الشعور القومي ....إلخ  كنا عم نحكي أنا و أبو عماد نفس الحكيات كيف خفنا و كيف يأسنا و كيف صرنا نبكي يوم طلعت من المعتقل و كل واحد فينا بمكان .... إلا ديما .... كانت تكتبلها رسائل لوعد و هي بالمعتقل .... و أنا كنت أعمل حالي ما شايف منشان ما أبكي و بكيت بعدين كتير يوم يلي طلعت ... و ضلبت خايف لشفتها بعيني بعنتاب ..
و أجى محمود .... شب بياخد العقل و طيب كتير و أخد عروسته و هو ما شايف حماته .... يعني في ناس بتكون محظوظة أنو ما عم تعد مع حماتها بس أنا و محمود مو منهن ....
متل ما طلعتي يا وعد و الله ما خيبنا و حضرنا عرسك .... رح يجي يوم و نجتمع بأمك .... أم الكل و أخت الكل أم عماد ... و هاليوم ان شا الله قريب و بفرج كبير

سنعود

في مثل هذه الليلة منذ عام
كنت أعد طعام العشاء منتظرا بعض الأصدقاء من المشفى لنتناول العشاء سوية و كنت أسلق بعض اللحم .
دق الباب .... كان أبو محمد مجدرة على الباب و دخل إلى المنزل ملقيا السلام بهدوء .... كانت عيونه تتلفت يمنة و يسرة ليتأكد أن لا أحد في المنزل و حين اطمأن قال لي : البس ثيابك ... آن الأوان ....
قلت له سأطفأ النار تحت الطعام و أبلغ اﻷصدقاء كي لا يأتوا ...
كان حريصا و حذرا فقال لي أبلغهم أن لديك أمرا طارئا .
و وقف جانبي يستمع كي يتأكد أن لساني لن يزلق بكلمة .
كنت متفق مع صديقي و أخي الكبير و نديم سهرات الشتاء الطويلة في الغوطة أبو عادل الطوخي على كل التفاصيل ... كل شيء بمكانه منذ أسابيع  إلا محفظتي فقد كانت في العيادة ...
فقلت لابو محمد أحتاج 5 دقائق ... أجاب بحزم عند الدقيقة السادسة سأمشي ...
ركضت و جلبت محفظتي من العيادة و ركبت بالسيارة و ابو محمد يتلو علي التعليمات على الطريق .... لا كلام مع الدليل ... تضع قدمك حيث يضع قدمه .. تركض حين يركض ... طوال الطريق لا أحد يعرف لا اسمك و لا مهنتك و لا حتى اسمك الحركي و طلب مني اسما خاصا بالطريق و قلت له يومها لقبي الحقيقي .... أبو أحمد ... كنت قد نسيت أني أبو أحمد و لست أبو علي و كانت الناس قد نست أيضا .
وصلنا مكان الانطلاق .... كان عليي خلع النظارة و حتى خاتم الزواج كي لا يلمع في الظلام ....
مشينا و زحفنا و ركضنا ... تهنا قليلا و بعد ساعات طويلة من المشي بدأنا نقترب من اﻷضواء و بدأ الدليل يتكلم بصوت مرتفع و علمت عندها أن الوضع أصبح أقل خطرا .... و التفت إلي و قال أترى الكهرباء .... ضوء بدون ضجيج المولدات ... أتشم رائحة الخبز ؟
لم أجب و استمريت في المشي ... ارتحنا في النهار و أكملنا المشي في الليلة التالية و رزقنا الله مطرا ليلتها حتى ابتل معطفي الجلدي الذي نصحني أبو محمد بأن ألبسه ...
في كل مسافة من الرحلة دليلها ... و كل يحدثك برائحة الخبز.
طاردنا الطيران و القى براميله علينا عدة مرات ... اختبئنا .. خفت كثيرا حتى انقطعت أنفاسي عدة مرات ... أغمي علي مرتين أثناء المسير الطويل ... و حملني شابان لا أعرف اسميهما.
في كل مرحلة كان سؤال الدليل ... وينه تبع الغوطة ؟ أكلت خبز ... تشرب كولا ؟
وصلت اﻷردن بعد 11 يوما و بقيت على حدودها عدة أيام حتى دخلت و بقيت في الزعتري خائفا من صوت الطيران الأردني الذي يمشط الحدود ....
في اﻷردن كنت أبكي معظم الوقت .... و اتصلت مع أبو غسان علايا و الاستاز جهاد عزو ليساعدوني في الخروج
كان سؤال كل من التقيه و يعلم أني من الغوطة : هل أكلت ؟
هل تريد طعاما ... بعضهم سألني هل تريد فروج ؟
بعد 20 يوما وصلت الريحانية في تركيا قادما عبر مطار عمان فاستنبول حيث التقيت ديمة و فارس
في المساء في الريحانية قالت ديمة نحتاج حليب و حفوضات لفارس .....
دخلت سوبر ماركت و شاهدت قطرميز شوكولا يلمع مزهوا من بعيد ..... كن اقترب شيئا فشيئا لاتذكر ما كان اسم تلك الشوكولا .... نعم أنها نيوتلا
استأجرت سيارة من الريحانية و تجرأت ﻷقودها إلى عنتاب .... كانت عيناي تراقب مؤشر الوقود طيلة الطريق كعادتنا في الغوطة .
أوقفتنا الجندرما التركية على الطريق .... كان قتيبة رافقني في تلك الرحلة و استشعرت بالاطمئنان من طريقة لا مبالاته للجندرما و اكتشفت فيما بعد أن هناك جيوشا لتحمي البلاد لا لتحمي أنظمتها و لا يستوجب تفتيشها خوفا و اكتشفت فيما بعد أن قتيبة لا يبالي لا للجندرما و لا لغيرها  .
استقبلنا في عنتاب محمود أبو الفوز و كان قد استأجر لنا منزلا صغيرا و أخذنا لنشتري حاجياتنا من السوق و كنت أغمض عيوني قليلا لأتحاشى إضاءة اﻷسواق القوية و قال لي : ماذا تشتهي من طعام فقلت له بدون تردد : شاورما جاج .....
أحب شاورما الدجاج كثيرا و كنت استعيض عنها بأن اطبخ شاورما اللحم بيدي في الغوطة فاللحم متوفر و الدجاج من اﻷحلام ....
ذهبنا إلى مطعم حلبي و كنت أفكر .... هل أطفأت النار تحت اللحم ليلة خرجت أم أن أبو محمد منعني بحزمه من ذلك و لم استمتمع يومها بالشاورما و لم أفعل حتى اليوم و لا أجد حتى اليوم في كل تركيا شاورما مثل العوافي في دوما .
أخرجني يومها أبو محمد من الغوطة و في كل مرحلة كان له شخص يقوم برعايتي و تأمين طريقي و كان مجمل عددهم 8.
اطمأن عليي حين وصلت عبر الفايبر .....
أبو محمد عدس أو كما كان لقبه مجدرة .... شهيدا جميلا مع 5 أشخاص ممن ساعدوني على الطريق بعضهم بيد داعش و بعضهم بيد النظام و أبو محمد اغتيل في الغوطة بيد غادرة خلال هذا العام.
هل أكلت ... أترى الكهرباء بدون ضجيج المولدات ... أتعرف هذا الذي يدعى فروج ؟ ... أتشم رائحة الخبز ؟
لا و الله ما خرجت ﻷجل هذا ..... خرجت ﻷني أريد بقعة لا يطير حقد اﻷسد فوقها .... خرجت ﻷني أريد اﻷمان لعائلتي ....
بعد أن خرجت زوجتي باسبوع من الغوطة قصف منزلنا و امتلأ سرير فارس بالشظايا الذي كان لم يبلغ عاما بعد .
قبلها بشهر عدت المنزل فوجدتها تبكي ﻷن فارس  كان ينزف من أكياس النايلون التي كنا نستعملها عوضا عن الحفوضات ....
أحقا يستحق طريق الخروج كل هذه المعاناة ..... ؟؟؟؟
بل إن طريق العودة يستحق أكثر من ذلك .... سامحوني جميعا يا من تركتكم هناك فما عدت قويا مثل ذي قبل .... أعمل هنا 14 ساعة يوميا و لكن لا قوة لي ﻷسمع هدير الطائرات فوقي.
سامحوني إن عدت ﻷنعم بوطني بعد انتصاركم يوما

محمد بدرة ... قصتنا و هويتنا

هذا محمد بدرة
هي القصة حكيتها لكل الناس لما كنت بالولايات المتحدة
و هلأ رح أحكيها هون ..... محمد قصة جيل .... محمد قصتنا
بعام 2012 كنت بالهلال الأحمر تبع دوما و بعد ما استشهد محمد الخضرا اخدت منسق لجنة الموارد البشرية و كان محمد مسعف وقتها و لاحظت أنو جدول المناوبة لما بينزل الكل بيحاول يتهرب من المناوبة مع محمد ( معلش محمد هي الحقيقة ) ..... ما فهمت ليش بيتهربوا منه لحتى شفت محمد عم يتعامل مع الدم ...... بيرتبك و بيربك كل الفريق ...... ما بيقدر يضبط أعصابه ...... مرهف بشكل كبير و وقتها (((كان)))) خجول كتير .... يعني هو لسه خجول بس مو كتير و كان محمد يرسم و يكتب خواطر و يورجيني ياهم و هيك مرة قلتله لمحمد شو بدك بشغل الاسعاف تعال و صور الجرحى و المرضى و اشتغل باللجنة الإعلامية و شوي شوي صار محمد يصور و ينشر صوره و صوره تنتشر عالفيس بوك بشكل كبير و استفاد كتير من التجربة الكبيرة و الصداقة مع فنان الثورة العظيم بسام الحكيم .
اجى مرة لعندي محمد و كان زعلان كتير لان فقد هويته و كل أوراقه الثبوتية تيجة القصف و قلي انا صفيت بلا هوية .... صفيت حساب فيس بوك  وحتى خفف عليه مزحت معه و قلتله  لا تخاف انا بشهد أنك محمد بدرة ..... ما بعرف اديش ممكن تكون هالتطمينات حقيقية بس ما عرفت شو قله وقتها
و هون قلي ما وقفت القصة على هيك ...... نتيجة انتشار صوري على الفيس بوك اجى الأمن و سحب ملفي من الجامعة .... يعني ما اكتفى بطرده من الجامعة بل سحب كامل الملف بحيث ما في شي يثبت أنو محمد كان بيوم من الأيام عم يدرس هندسة معمارية بجامعة دمشق .
حقيقة ما عرفت شو جاوب و أجت أيام و راحت أيام و طلعت أنا على تركيا و هون صور محمد كانت انتشرت كتير و صار تنشرها وكالات أنباء عالمية و منها رويترز و طلب مني محمد أنو شوف المنسق الأقليمي تبع رويترز ...
كان الشخص كتير لطيف و قلي محمد ما عم يرضى ياخد تعويضاته و في اله رواتب هو و بسام لأن هن بيعتبروا انو هن عم ينقلو رسالة من بلدهن مو عم يشتغلوا كعمل و أنا هون كنت بعرف انو محمد بدو يشتري كاميرا و قلتله انا باخدلو ياهن و طلب مني وقتها مديره لمحمد برويترز أنو نطلعه من التصوير بالإسعاف و قلي المصورين يلي متله بيضلو يصوروا صور موت و جرحى بيجيهن اكتئاب .... و قلي في كتير شي بالحرب ممكن يتصور و يعطينا تفاؤل ... خلي يطلع و يصور حياة الناس اليومية ...
و حاكيت محمد و قلتله ليش ما بتطلب كاميرا من رويترز ..... قلي أنا ما بيعطوني كاميرا و لا رواتب قد رفقاتي يلي عندهن هويات و أوراق ثبوتية ..... انا بالنسبة لوكالة رويترز حساب فيس بوك و ما رح يعطو كاميرا لحساب فيس بوك ..... ما عرفت شو قله و صرت خفف عليه و أنا بدي طالعه من نقطة الإسعاف و كان محمد و بسام يصورو بطريقة احترافية بحيث ما بينشروا صورة الضحية متل ما بيسموها لياخدوا إذنها و الضحية هي الشخص المصاب يلي نجا من الموت و كان ضحية الكاميرا بوقت الإنسان ما بيتمنى يشوف فيه غير متطوع دفاع مدني او طبيب و هيك بيدردشوا مع الضحية لحتى يحصلوا على الإذن و بيسمعوا قصتها و صار محمد و بسام خزان من القصص المؤلمة  و صرت قله يا محمد ما بتشتهي تصور ميسي و رونالدو متل رفقاتك برويترز يلي بيصورو مباريات عالمية ..... ما بتشتهي تصور نجوم السينما متل ما زملائك برويترز بيعملوا .... أنت ما بتفرق عنهن شي ... يا أخي صورلي طنجرة يبرق شغل الوالدة و الكل بيعرف انو أمه لمحمد بتطبخ طبخ طيب كتير و تنافسي مع طبخ بيت أبو عادل الطوخي .... قلتله يا محمد ما بتشتهي تصور البلد و هي عم تتعمر من أول و جديد ..... و أنا نسيان أنو كان ممكن يكون هو مهندس معماري متخرج و هو يعمر البلد ... و هون قلي محمد أنا بدي صورك أنت و ديمة وقت بترجعوا أنتو و كل هالمغتربين تعمروا البلد ....
محمد حكاية جيل فقد هويته و فقد تعليمه و لسه متشبث بالأمل و بالبلد .... محمد حكايتنا
هاد الفيديو عملوا مجموعة إعلامية شكر لمحمد على أعماله و للصدق في صورة او صورتين مو من تصوير محمد بالفيديو
https://www.youtube.com/watch?v=ZEfv_2fdKX0