الخميس، 27 نوفمبر 2014

دعاء

لن تعرف دعاء ذات العشر سنوات من وضعها في زاوية المدرسة في هذا الموقف المحرج
ستكون خجولة دائما بشعرها المحلوق ليظهر فروة رأسها الصغير تلمع
ستجلس في زاوية مدرستها منزوية و كأنها هي من جلبت المرض لنفسها 
سيلعب بعض الصبية حولها ليسمعوها كلاماً عن تلك الديدان التي ظهرت في رأسها 
هل هم الأطباء و الممرضين الذين لم يتقنوا تنظيف جرحها بشكل كاف في ظل العدد الهائل من الجرحى في الغوطة أم هم والديها الذين لم يستطيعوا أن يغيروا ضماد جرحها الصغير بالشكل المناسب ؟
هل هي الحرب التي جعلت الظروف الصحية تنخفض إلى هذه السوية؟ 
دعاء عمرها عشر سنوات ابنة الغوطة الشرقية راجعت أحد النقاط الطبية بشكوى حكة و ألم في الرأس و شخصت الحكة بداية على أنها قوباء و بعد عدة أيام اكتشفت أحدى الطبيبات أن هذا هو النغف الذي لم يظهر في سوريا سابقا بشكل متكرر في نفس المنطقة و إنما كانت عبارة عن حالات فردية تظهر لدى بعض الأسر نتيجة قلة الاهتمام و النظافة الشخصية و متابعة الجروح.
لم تكن دعاء هي المريضة الوحيدة التي حملت تلك الديدان الصغيرة التي تظهر نتيجة تلوث الجرح ببيوض إحدى الحشرات و لكن اكتشفنا فيما بعد أن هناك العديد من الحالات التي تراجع النقاط الطبية .
أقسام الاستشفاء في الغوطة الشرقية تغص بالجرحى و قلما نستطيع أن نقدم الرعاية الطبية اللازمة للجريح حتى الشفاء الكامل و لا بد للجريح أن يكمل استشفاءه في المنزل لنفس المجال لجريح آخر ليأخذ على الأقل إقامة في الأيام الأولى التالية لجرحه و لن تضمن أن تكون تلك الرعاية الطبية المقدمة في المنزل تراعي أدنى شروط العقامة و النظافة للجرح. 
دخلت الغوطة الشرقية غيتيس مرتين سابقا و ذلك بأكبر مطعم في العالم و أكبر مدينة مفروشات في العالم و هي تدخل غينيس اليوم بأعلى سعر للتر الوقود في العالم فقد وصل الصيف الماضي سعر لتر الوقود إلى 12 دولار في منطقة احتفلت منذ بضعة أسابيع بمرور عامين على انقطاع الكهرباء بشكل نهائي و سيصعق المجتمع المحلي إن طلبنا منه كتوعية للوقاية من المرض أن يقوم بكي الثياب جيدا أو غلي المياه الملوثة من الآبار كمثال و سيكون من الشائك جدا أن تطلب من المريض الذي لم يجد له متسعاً في دور الاستشفاء أن يراجع النقاط الطبية يومياً ليقوم بتغيير الضماد فمن الصعب لا بل يقرب أن يكون مستحيلاً في ظل هذا الغلاء استعمال وسائل النقل لنقل كل جريح.
تنقل احدى الطبيبات الصديقات المتابعة لهكذا حالات عبر العالم مخاوفها حين رأت الحالات بقولها : هذا دليل كبير على انخفاض السوية الصحية في سوريا و هي المرة الأولى التي نراها في سوريا بشكل متكرر في نفس المنطقة. 
هذه المنطقة التي دخلت غينيس مرتين ما زالت تطالب بسجل آخر غير سعر الوقود الأعلى و هو المنطقة الأكثر استهدافا بالاسلحة الكيمائية في العالم بعدد المرات و يفكر سكان المنطقة بأن ما نزل عليهم من غاز الكلور كقنابل كان سيكون كافيا لتنقية المياه التي يستخدموها ناقلة لهم النغف و غيره من الأمراض فيما لو أرسل إليهم بالشكل المناسب فتلوث المياه و البيئة و عدم القدرة على التخلص من النفايات هي التي توفر البيئة المناسبة لهكذا أمراض للانتشار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق